حسين محمد ناجي البشاري
الجنس : تاريخ التسجيل : 30/10/2015 عدد المشاركات : 9 نقاط : 27
| موضوع: ويل لنا من أنفسنا الأحد نوفمبر 01 2015, 22:13 | |
| " ويل لنا من انفسنا"
المثل الذي يقول ان "الجاهل عدوا نفسه" صحيح بنسبة 100%، وبنفس المعنى يقول الشاعر ( لاينال الاعداء من جاهل/ ماينال الجاهل من نفسه) ، فجهلنا هو عدونا الاكبر، وكل مانحاول فعله من القاء اللوم على الاخرين فيما يجري لنا ويحدث من مصائب، هو هروب من المسؤولية التي نتحملها بنسبة 80% على الاقل، بينما اعداءنا يتحملون فقط 20% من المسؤولية. نحن امة جاهلة عاجزة، وجدت نفسها بعد انهيار الحامي الاساسي لها لقرون من الزمن والذي كان يتمثل في الخلافة العثمانية في مواجهة الحضارة والمدنية والقوة العسكرية للغرب الفتي الطامح، والذي تعامل معها بما تمليه عليه مصالحه، وبما يمليه عليها واقعها الذي ماكان يحتمل غير ذلك التعامل، فاحتلها، واقتطع عليها فلسطين معطيا لها لليهود، وكان ذلك وضع طبيعي تماما، لكن الذي لم يكن طبيعيا على الاطلاق هو كيف تصرفنا ازاء هذه الكارثة التي حلت بنا. لقد تهورنا كثيرا ونحن نتعامل مع اوضاعنا ومع اعداءنا على حد سواء، فتعاملنا مع قشور المشكلة ولم نتعامل مع جوهرها، تعاملنا مع ظاهر الامر ولم نتعامل مع باطنه، ربما عن قصد، وربما عن غير قصد، ولكن الذي اتضح اخيرا ان ماتعاملنا معه، كان هو الاهون والاقل ضررا بالنسبة لنا، حيث تعاملنا مع عدونا، من خلال ثورات التحرر العربي في خمسينات وستينات القرن الماضي، ولكننا اهملنا التعامل مع انفسنا، غير مدركين ان قابلية الاستعمار ( كما يقول مالك ابن نبي ) اخطر من الاستعمار نفسه، بحيث ذهب الاستعمار وبقيت النفوس المريضة والعقول العليلة، التي كانت وراء الاستعمار الاول، ووراء المأسي التي حدثت لنا بعد التحرر. لقد تعاملنا بعد ثورات التحرر من الاستعمار مع ظواهر الامور وليس مع جواهرها، فقمنا بفتح المدارس والمستشفايات، وتمهيد الطرق، وانشاء العمارات، وهذه كلها مظاهر المدنية والتحضر، ولكن جوهر المدنية والتحضر والمتمثل في النفسية المتسامحة، والعقلية المنفتحة ظلت بعيدة عن متناول ايدينا الى حد كبير، ولهذا فقد اظهرت هذه النفوس العليلة والعقول الضحلة نفسها في اكثر من صورة واكثر من مرة، مسببت الخراب والدمار والدما، وكان ذلك اكثر مايكون جلاء في ثورات الربيع العربي الاخيرة. | |
|